لا شكّ في أنّ النّاس لا يُدركون فضل النِّعمة ما لَم يُحرموا منها، لذا فإنّ أفضل طريقٍ لمعرفة قيمة أيّة نعمةٍ وعظمتها هو المقارنة بين فترة وفورها وفترة الحرمان منها، ويؤيّد هذا الكلام ما قاله الإمام الحسن بن عليّ ( عليهما السّلام ) : « تُجهَلُ النِّعَمُ ما أَقامَتْ، فَإذا وَلَّتْ عُرِفَتْ ». إذن، قبل الشّروع بدراسة تأريخ البلدان الإسلاميّة وبيان أوضاعها الحاليّة، من الأجدر أن نطّلع أوّلاً على أوضاع العالَم حين ظهور الدّين الإسلاميّ الحنيف.
فسوف نطّلع في هذا القسم من البحث على أوضاع العالَم في عصر ظهور الإسلام ونتعرّف على الانجازات التي تحقّقت خلاله وكذلك سوف نتعرّف على جانبٍ من فضائل هذا الدّين القيِّم؛ وهذه في الحقيقة مقارنة بين فترةٍ مظلمةٍ من تأريخ البشريّة وفترةٍ مضيئةٍ بنور الهُدى. بعد ذلك سوف نتناول بيان انتشار الإسلام في سائر البلاد خارج الجزيرة العربيّة، حيث سيتّضح حينها السبب الكامن وراء انتصار الإسلام على سُلطتَي الشّرق والغرب العظيمتَين وانتشاره في أصقاع الأرض بالرّغم من ضعف الإمكانات الماديّة التي كانت في متناول المسلمين.